تشرين وعلاقته بالمرض الخبيث .. كيف انتصرت "إيناس" الشجاعة على سرطان الثدي؟
المربد / طعمة البسام / نادين ثائر
مرض ينهش ضحاياه بصمت،
فجأة وربما صدفة يكتشف المرء إصابته فتضيق الدنيا بعينيه، غير أن بعضهم يعتبر
المرض تحديا فيستجمع شجاعته وتبدأ المعركة الشرسة، أكثر الأمراض انتشارا ذاك
الذي يصيب النساء، وللقضاء ومكافحة المرض اتُخذ شهر تشرين أول من كل عام شهرا "ورديا"
للتصدي لمرض سرطان الثدي، ورغم قسوة المرض وخبثه، ولؤمه، غير أن بإمكان
النساء الانتصار عليه بسهولة خاصة إذا اكتُشف مبكرا، ففي الاكتشاف المبكر يمكن أن
تصل نسبة الشفاء إلى 95% وفقا لما حدثتنا عنه الدكتورة (لارا مزهر جاسم) اختصاص أشعة
علاجية وأورام، التي أوضحت أن الاكتشاف المبكر للمرض يمكن أن يقلل نسب الوفاة
لتصل إلى 30% بل يمكن أيضا إن يقي المرأة بإجراء عملية استئصال.
وأضافت قائلة: الفحص الدوري يعتمد على عوامل الخطورة
عند المريض، الفحص الدوري يبدأ من عمر الـ40 فما فوق، ولكن النساء اللواتي
عندهن عوامل الخطورة كأن يكون لديها عائلي أو لديها إصابة سابقة أو متعرضة لإشعاع
في عمر صغير، هذه يمكن أن تكون أكثر عرضة للإصابة بالمرض، في هذه الحالة يجب
فحص الفتاة اعتبارا من عمر الـ25.
وتوضح بالقول إن الفحص المنزلي أو الذاتي أمر في
غاية الأهمية ويمكن للمرأة أن تفحص نفسها بالبيت في اليوم الخامس من الدورة
الشهرية، وبإمكان كل النساء أن يمارسن هذا النوع من الفحص داخل البيت دون الحاجة إلى
تداخل طبي أو استشارة طبية وتستمر مثل هكذا فحوص طوال العمر.
توضح الدكتورة "لارا"طريقة
الفحص الذاتي بالوقوف أمام المرآة ومراقبة الثديين، وهذا يسمى الفحص بالنظر ثم أن
المرأة تراقب ما إذا كان الثدي الأيمن، يشبه الثدي الأيسر بالنسبة للارتفاع، وعدم
ظهور تكتلات غريبة على السطح، وعدم وجود تقرحات وانسلاخات على الجلد، أو وجود مادة
دموية في الحلمة، هذا الفحص الأولي كما تقول الدكتورة لارا، التي أشارت إلى وجود
عدة مناطق رئيسية في الثدي وهي المنطقة الداخلية العليا والسفلى والمنطقة الخارجية
العليا والسفلى ومنطقة الحلمة والإبط حيث يتم فحص الثدي الأيمن بشكل دائري ومنطقة الإبط
من جهة الثدي الأيسر.
الدكتورة لارا مزهر جاسم ترى أن المرحلة الثالثة
والرابعة هي المراحل المتقدمة لسرطان الثدي، ولكن من الممكن الشفاء إذا التزمت
المريضة بالعلاج أو إذا راجعت بوقت مبكر.
إيناس المرأة التي تحدت المرض ثم انتصرت:
"إيناس جودت البدران" امرأة شجاعة حقا تحدت المرض
وانتصرت عليه رغم فداحة الثمن ولكنها انتصرت.
تقول إيناس للمربد إنه في عام 2017 ظهرت عندها
علامات ومؤشرات وأعراض مرضية، وبين الخوف والرعب والتردد قررت أن تراجع للفحص،
واظهر الفحص أنها مصابة بالمرض، كانت الخطوة الأصعب بأن تخبر أهلها -كيف يمكن أن
تخبرهم وما الصدمة التي سيعشونها خاصة أمها التي تعتمد عليها كثيرا- وقررت أخيرا
أن تخبرهم بالخبر السيء أخذت أمها وأخاها إلى شارع الفراهيدي في البصرة وهناك أخبرتهم صعقت أمها حال سماع خبر إصابة ابنتها، نهضت من مكانها مذهولة وتراجعت خطوتين
وكادت أن تقع مغميا عليها غير أن إيناس استجمعت شجاعتها وطمأنت أمها وأخاها في أنها
غير خائفة لا من المرض ولا من الموت، فهي كما تقول قد تجاوزت الخمسين ولم يبق في
العمر بقية وإنها قد استسلمت وانتهى الأمر، غير أن إلام والأخ لم يتهاونا في مرض إيناس
وقررا عرضها على الأطباء حيث بدأت المرحلة الأشق والأصعب.
تؤكد إيناس في حديثها
للمربد إن لديها تاريخ عائلي مع هذا المرض، ذلك أن خالتها كانت قد أصيبت بهذا
المرض ثم توفيت بعد ذلك، لذا فهي كما تقول تشعر بالخوف والقلق والتوجس، وبدأت
تراقب نفسها عن طريق الفحص الذاتي وتثقيف نفسها بتفاصيل المريض عن طريق النت وسماع
المحاضرات المتعلقة بالموضوع.
إيناس تتكلم بحسرة ووجع وتقول إنه من الصعب جدا على
المرأة أن تتحمل استئصال جزء من جسدها، ولكن أمها كانت سندها الأول من حيث التشجيع
ورفع المعنويات، وهكذا أجريت لها عملية الاستئصال بعد رحلة مع السونار والرنين. وكان أحد أصعب قراراتها في الحياة أن وافقت على الاستئصال وبعد شهر من العملية بدأت
رحلتها مع الجرعات الكيمياوية، هي الجرعات الأقسى في المعركة بالنسبة للمرأة،
فهنا يبدأ الشعر بالتساقط، غير أن الكثيرين طمأنوا إيناس إن الشعر سيعود كما كان وأن نساء كثيرات مررن بنفس بالتجربة اتصلن بها وتقول إنها استقبلت نصائحهن وإرشاداتهن ثم تتساءل مع نفسها هل سيعود شعري وهل سأعيش حياة طبيعية؟
نعم عاد شعرها طبيعيا كما كان وعاشت حياتها الطبيعية
بفضل شجاعتها وإصرارها في مقاومة المرض والانتصار عليه.
إيناس تنصح النساء بالفحص الذاتي والدوري وان الكشف
المبكر يساعد على اختصار العلاج ووقت الشفاء ومدة الألم، وتؤكد أن ثمة خمس
مستشفيات في البصرة والكشف مجاني.
تجربة أخرى:
امرأة أخرى فضلت عدم ذكر اسمها وإخفاء صورتها تحدثت
عن تجربتها في مواجهة المرض وقالت في البداية كانت عبارة عن ورمة صغيرة في الثدي
وراجعت الأطباء، وتقول أنا دوما افحص فحص منزلي ثم اتضح إنني مصابة بالمرض من
الدرجة الثالثة.
وتشير إلى أن أصعب المراحل هي مرحلة الاستئصال،
وتدعو كافة النساء إلى الفحص خاصة اللواتي تجاوزن الأربعين فالأجهزة الحديثة
متوافرة، وتؤكد إن سرطان الثدي أسهل أنواع السرطانات.