الكاتب والباحث المغترب عبد اللطيف الحرز: أنا غريب حتى في وطني

ثقافة وأدب وفن
20 تشرين الأول 2024
الكاتب والباحث المغترب عبد اللطيف الحرز: أنا غريب حتى في وطني

حوار مع الكاتب والباحث المغترب عبد اللطيف الحرز
حاوره علي هدّار

للعراق وكما هو للبصرة مثقفوها ومبدعوها بكل مناحي الإبداع والتميز في جميع المجالات ومنها في المجال الثقافي والأدبي وهناك حظوة كبيرة لهم في المحافل والمنابر من خلال رؤيا متسعة لرؤية العالم بالمحيط العام للكاتب والمؤلف والتعبير عنها بواقعية دون اللجوء إلى الإضافات والتي تعطي نكهة مميزة في عالم الرواية والكتابة والشعر ولها آثار واسعة في تأثير القراء، ومع هذا يبقى المثقف العراقي هو المميز إنسانيا وفكريا ومتعدد الزوايا والرؤى الكتابية في مجال الرواية والقصة والشعر والنقد وفي حضرة الأدب والرواية والقصة حيث ننطلق مع الكاتب والأديب عبد اللطيف الحرز الغزير بالإنتاج وقد أنتج أكثر من 60 مؤلف في الرواية والنقد والشعر والبحث، ويصاحبنا الحرز في رحلة ليتحدث عن مرحلته في أروقة الأدب والفكر، وكانت البداية لنسأل:

ممكن أن تصف لنا من هو عبد اللطيف الحرز؟
عبد اللطيف الحرز هو شاب عراقي مغترب من البصرة وبالتحديد من مدينة الزبير تركت بلدي ومدينتي في بداية التسعينيات وبدأت الكتابة لها وأنا في حضرة ذلك الحصار بين النار والأهوار وتحت هطول الأمطار السوداء من دخان مدينتي وهي تمثل معاناتنا ومعانيها من أدخنة النفط المحترق، وهي المدينة الوحيدة التي لا تعبأ بالهويات الفكرية أو الدينية أو القومية، عبد اللطيف الخزار كاتب وباحث مغترب متنوع، والدرس الأول في البصرة هو درس عميق قبل الفراهيدي والجاحظ وفي المعاني فوق كل تصنيف والإنسان فوق كل شيء.

كيف كانت البدايات؟
البداية كانت مع والدي المعمر وهو الحاج جاسم بن محمد بن علي بن عبد الله بن صالح عبد المجيد، هذا الرجل من المعمرين وكان مُحب للقراءة ويتقن 5 لغات ويعمل في مهنة النجارة في وسط مدينة الزبير، وتتابعت الأنظمة على اختلافها وكوّن له مكتبة ويضطر أن يدفن تلك المكتبة بكتبها في الصحراء، وكم تتخيل كيف كان ينتظرها أن تنمو أشجارا وأن تتحول إلى أخشاب والعاب وفؤوس وينظر إلى كل خشبة على أنها ورقة تقرأ، وبعد أحداث الحروب عبرنا الأهوار وكانت رحلة مملة وقاسية ومنها ومنه تعلمت حروف الإبداع والكتابة والتنوع ما بين أهوار البصرة وميسان حيث الشعر بأنواعه ويمتزج بخليط من الأشعار ومنها تعلمت كيفية اختلاط العقليات بالإشراقات وبعيدا عن المقارنة والاختلاف ما بين التصوف والنظر العقلي الذي درسته في مدينة قم ضمن علم الأصول، وهو تراث كبير يصب في ترجمة الرومي بين الترجمات الكبرى في الفلسفة والأدب والتصوف.

من الملاحظ أن هناك غزارة وتنوع في نتاجاتك الفكرية، كم عدد مؤلفاتك في مجال القصة والرواية والبحث والنقد وأين طبعت؟
المطبوع من جميع كتبي التي أصدرتها هو 64 كتابا ما بين رواية وقصة وبحث ونقد منها 5 روايات وفي الشعر 11 وفي التفسير والنقد أكثر من 30 ومنها (اسمع صلاتي أيها القلم وسكرة في خمارة الرومي والحسن الفائق والظمأ الانطولوجي ووهم الآلة وعلى ناموس المعنى، وقربان على مذبح آخر الآلهة، إنسان النجاح في دعاء الافتتاح، الحلاج، في البدء كان المنفى، الألم والكتابة، طرائق الوجد، منسيات هيدغر، من سرق الطماطة أيها الوطن، والبناء والانتماء، الحسين طاقة الأمل، الكلمة في زمن الفتنة...وغيرها) معظم مؤلفاتي طبعت في دور نشر عربية وأجنبية متعددة منها دور الفارابي والناشرون والكنوز وسطور وألواح في أسبانيا والحجة البيضاء ومركز عين طبع العديد من مؤلفاتي، ولكل إنسان فلسفته الخاصة ولي فلسفتي الخاصة.

هل لديك مؤلفات لم تطبع أو تحت الطبع ؟
هناك مؤلفات في دار سطور وكذلك في دار المدى والفارابي لغرض طبع مؤلفات جديدة في النقد والبحث والرواية وهناك دراسة ستصدر قريبا عن الحلاج.

أين تجد نفسك حاليا من خلال كتاباتك ومؤلفاتك كهويتك الخاصة في الفلسفة أم في التصوف؟
الآن أحاول ووجدت خلال قدومي للعراق إن هناك نقصا كبيرا في الفلسفة مع وجود غزارة كبيرة في الإنتاج الشعري والرواية ولكن في الفلسفة قليل، أنا في التصوف قريب وفي قم كان يرعاني الشيخ بهجت وأيضا الشيخ مصباح اليزدي والسيد جعفر الحكيم في النجف، ولازلت أتعلم واكتب وابحث في التصوف.

تحدثت وتطرقت مرارا عن التصوف هل جميع كتاباتك ممزوجة بالتصوف وتقترب إلى أدب الرومي؟
أنا حاليا في مرحلة تدريس الأدب الرومي ولازلت في هذا المجال منذ أكثر من 6 سنوات وعملت في تقديم الدروس للتصوف في التكايا لمدن أربيل والسليمانية وهذا التصوف أقدمه دروس في تكايا الزبير ودهوك وهي من الهويات الجميلة في العراق ولا بد أن تفهم وان لا تحارب بشكل مطلق، وهناك عناصر الجمال كثيرة في هذا المجال ونحتاج من خلالها إلى عوامل الرأفة والرحمة وثقافة الرحمة لأننا مجتمع لا يزال يعاني.

في نفس الوقت عن الإنسان في المطلق العام ضمن كتاباتك و رواياتك هل أخذته كما هو بدون رتوش؟
هذه وحدة من المشاكل حيث نبحث في الكتابة عن الرتوش ونضعها للإنسان المعني، حيث إن الشاعر يريد فقط شعر والفنان يريد فن والفقيه يريد فقط فتاوى، ولكن أن تحاول أن تطرح الإنسان كما هو إنسان وهو إنسان بكل معنى الكلمة يتأثر حيث يشك ويشتهي ويأثم وينغمس في الجسد ويفكر ويطمح وله جانب ملائكي وجانب إثمي وجانب مخجل..هذا الأمر لا تصوره إلا الروايات ولذلك بعض الناس هو لم يستطيع قراءة جميع الروايات حيث يبرر على أنه لا يستطيع قراءة نصوص بمنطق واحد ويريد موضوع محدد بعيدا عن السرديات التي تحاول أن تقرأ الإنسان كما هو مجموعة من المفاهيم الهجينة المختلطة هذه الأمور المختلطة هو الإنسان، والإنسان كما هو إنسان لا تتعامل معه فقط في الروايات بعيدا عن التنميطات.

هل نجد ونتصفح في رواياتك وكتاباتك عن الحب والحرب والسلام وعن ماذا تتحدث؟
الحب من زمن تولستوي أصبح لدينا مفهوم الحرب والسلم ليس بعدا شكليا في النصوص، لهذا تجد جيل جديد في دول عربية وخليجية ولنا عمهم شراكات وهذا الإنسان أصبح لا يفكر بعيدا عن العنف وبدأ يستهوي أفلام العنف وهي أكثر الأفلام شعبية ومثلها في الروايات التي تجذب القارئ هي روايات العنف، مفهوم الحرب أصبحت جزء أصيل من ماهية الإنسان حتى تكتب وتكون مثقف أن تكون حالتك المادية تستطيع من خلالها أن تكتب لغرض إنقاذ الإنسان من حب الحرب وحب العنف وحتى في أناشيدنا وأغانينا، هناك نوع جديد في الأجيال يركز على "الأنـا" ويخرج بطريقة نرجسية عالية وهي لا يمكن أن تتجاوزها لأنها تريد أن تحارب وتضعك خصم مع الآخرين بالمقارنة، هذا منغمس في ذهنية العنف والحرب، والسؤال كيف تعيد الموازنة له، تعيدها من خلال ثقافة الفن والأدب، الأدب والفن دخل في معترك السياسة ودخول الساسة في معادلات ثقافية في إنتاج أفلام ومن خلال تعاون كما يحصل بين الهند وروسيا والكلام عن قوة الرواية وقوة الأغنية، الثقافة دخلت في مرحلة الحرب والسلم حتى وإن تناولنا في قصة أو رواية عن حياة إنسان يعمل في السوق، هذا الإنسان نجد لديه شهوات متعددة.

هل هناك في رواياتك احتقار للحب واحتقار للحرب؟
للحب والحرب هناك احتقار وهي حالة طبيعية، هناك أسطورة من الأساطير عندما نفخنا في الحب حتى أصبح من الأسطورة، الشباب عندما يدخل إلى الجامعة أو المعهد فأنه يفكر قبل دراسته أن يحصل على شريكته في الحب وللفتاة أيضا، ودائما نقول إن مرحلة الحب عند الفتاة هو في تصورها أنها عندما تحصل على العشق أو الحبيب فأنها تبيع كل الدنيا في مجتمعها، وبعد الارتباط تحصل الطلبات وتسبب معظمها مشاكل وتنسى كل شيء ، السبب إن الحب لم ينمو بشكل طبيعي.

هل أثر المنفى على أفكارك مقارنة بمجتمعنا أو المجتمع الذي سكنته قبل الاغتراب؟
أكيد وأنا لا أنفي ذلك عن نفسي، ونحن اليوم في هذه الأرض عبارة عن مصنع يخرج لنا نفس المنتج، حيث الطفل في المجتمع الحالي لا يختلف في المفهوم والعقلية والبحث في مواقع التواصل للتسلية، العولمة تحاول أن تنمط الإنسان بفكر واحد.

أين أنت من انتمائك في عضوية اتحاد كتّاب وأدباء العراق والبصرة ولم نجد لك حضورا مع هذه الغزارة في الإنتاج الأدبي والثقافي؟
أنا لا شيء وغريب، وهذا الـ (ليش) سؤال يطرح لهم لا أن تنتظر مني جواب وأنا دائما في وطني ضيف، وأنا لا افهم و لا اعرف تلك السياقات وأوجه الاتهام إلى نفسي، وربما الثاني يواجهني بالنقد وهذا من حقه وربما منهم من يراني ضمن وجهة نظره وإن كان لم التقي بهم، وأنا منذ سنوات وفي عالم الكتابة أعطيت عناوين ضمن سلسلة غريبة وكتبت غريب على الطريق، وأنا حتى في العراق غريب حيث أسير بمفردي وأتحدث لوحدي وهناك صداقات بدون أي انتماء ولكن في العراق أصبحت الانتماءات نوع من المرض بما فيها الانتماء الثقافي، واغلب الانتماءات تتحول إلى سلطات وهذه السلطات تتحول إلى أوامر بالقول إن تفعل وان لا تفعل ولهذا أنا بعيد وغريب.

أنت ولدت في الزبير في تلك المدينة التي تحمل إرث كبير وتضم وتزخر بالمثقفين ماذا كتبت لمدينتك؟
عندي ديوان يحمل عنوان تواقيع على رمل الزبير ولا زلت أحمل تلك المدينة معي ولا زلت أحملها معي أينما رحلت.

وأين أنت من مثقفيها؟
أسئلتك محرجة ولا أعرف لها جوابا، والتقي مع الشباب المثقف الديني واللاهوتي واعتبر الناس سطور وأوراق وصفحات وضد من يصف نفسه بالأنا، المثقف عالميا دائما متفائل وقديما من قيل إن هناك مثقف عضوي وغير عضوي وهذه أصبحت من الأسلاف.



المزيد من ثقافة وأدب وفن

Developed by AVESTA GROUP