ما الذي أتى بأم سندس إلى شارع المتنبي ..لا تقرأ شعرا .. ولا تشتري كتبا

تحقيقات
2 أيلول 2024
ما الذي أتى بأم سندس إلى شارع المتنبي ..لا تقرأ شعرا .. ولا تشتري كتبا

المربد / طعمة البسام – نادين ثائر

بعد أن فقدت بصرها لم تجد أم سندس مكانا تأوي إليه أو يؤويها إلا غرفة في شارع المتنبي وسط بغداد - امرأة كفيفة تستجدي المارة هنا في هذا الشارع، هي لم تأت إلى هنا لمطالعة كتاب أو بحث عن مصدر أو لسماع شعر الشعراء أو نقاشات المتناقشين وإنما هي تجلس هنا في هذا الشارع تستعطف الناس علهم يجودون لها بالألف والألفين لتسد بها رمقها وحاجاتها اليومية.

تقول ام سندس للمربد التي التقتها هناك في ذلك الشارع: كان لديّ أربعة أولاد: ولدان وابنتان أما الولدان فقد استشهدا عام 2003، قتلهما الجنود الأمريكان حين دخولهم إلى بغداد أما البنتان فقد أخذهما أعمامهما الذين يسكنون حاليا في المحمودية وهما غير متزوجتان وغير موظفتان.

ترفض أم سندس السكن عند أعمام بناتها وتقول "عظم البشر ثقيل" كناية عن الإزعاج الذي قد تسببه للأعمام حين تسكن معهم وتقول أنا امرأة غريبة عنهم ولكنها تستدرك بالقول إنها أحيانا تذهب إلى هناك لزيارتهن، وإن آخر مرة التقت ببناتها قبل أكثر من سنة والسبب كما تقول أم سندس أن أعمامهن لا يقبلون أن أرى بناتي. 

تعيش أم سندس في غرفة قريبة من الشارع، تنام فيها وحيدة، وتقول إنها كانت تبيع السكائر في المحمودية قبل أن يكف بصرها ثم إنها أرغمت على "الاستجداء" حين لم تستطع العمل، وحين لم تجد من يساعدها، وتضيف إنها تحتاج شهريا إلى أكثر من 300 ألف دينار للعلاج فقط وأن ما تحصل عليه في اليوم لا يغطي الإيجار والعلاج والأكل والمصرف اليومي، وأشارت إلى أن الناس هنا يساعدونها على قدر الممكن.

أم سندس تؤكد للمربد إنها غير مرتاحة هذا في هذا المكان ولكنها مرغمة، على العيش هنا، إذ لا خيار عندها غير هذا الوضع.

أم سندس تذم أهل هذا الزمان .. وأمنيتها الآن .. أن تموت !!!
تركنا أم سندس بعد أن ودعناها وودعتنا بالدعاء، أم سندس ضحية مجتمع، وإفراز لواقع مرير، حين يتقدم العمر بالمرء فلا يجد مكانا لائقا يؤويه أو ابنا أو بنتا تستند إليهما حين يصل إلى أرذل العمر، فكيف بمن يطعن بالسن ويفقد بصره وتجور عليه الأيام، أم سندس – الكفيفة الوحيدة - أنموذجا لإفرازات مجتمع عاش عقودا من القسوة والظلم والخذلان.

 



المزيد من تحقيقات

Developed by AVESTA GROUP