حقوق الإنسان في البصرة تكشف عن نسب وأرقام سجلتها حول التلوث البيئي
المربد / لقاء نهاد الجابري
أفاد
مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة مهدي التميمي أن ملف التلوث أو
حماية البيئة في المحافظة أو آليات قياس نسب التغير المناخي في المحافظة هي ملفات
عملت عليها المفوضية منذ سنوات خصوصا بعد عام 2015 بعد ارتفاع نسب التغير المناخي،
وعند الوقوف على الإحصائيات بالرجوع إلى خمس سنوات أي من عام 2018 لغاية عام 2023
نسب التلوث في تصاعد في البصرة، حيث كانت نسب التلوث في مياه شط العرب/ الجرثومي
98% أما الكيميائي المصاحب أكثر من 48% في عام 2018.
وقال
التميمي في لقاء مع المربد أن هذه العملية صاحبها وجود تلوث بالأساس في البصرة من
تبعات حرب الخليج الأولى والثانية بالتلوث الإشعاعي بأكثر من 50 موقع ملوث
باليورانيوم المنضب، ووصولا إلى 2022 أصبحت 28 موقعا بعد رفع الملوثات تمثلت
بأسلحة مضروبة أو براميل تحمل مواد مشعة،
وتم التعاون بين الحكومة المحلية في البصرة ووزارة العلوم والتكنولوجيا ووزارة
البيئة في حينها ورفعت كل الملوثات لكن هذه المناطق التي كانت فيها هذه المواد هي
تحت خطر اتساع وتوالد نسبة الغبار النووي
باعتباره لا يمكن وأده بسهولة ولا يتم ذلك إلا بمواصفات معينة لمعالجته، ودائما
التلوث الإشعاعي يزداد كلما يتقادم وبالتالي هذه المواقع تحتاج إلى عملية إعادة
الفحص والتنقية لفترات طويلة.
وعلى
سبيل المثال المناطق المحاذية لمطار البصرة، مناطق الشعيبة، مناطق في الرافضية،
كذلك في الزبير وصولا إلى شمال البصرة وهي المنطقة الأكثر ضررا وصاحب ذلك التلوث
النفطي جراء احتراق الغاز، هذا وإذا تم الوقوف على إحصائية أعلنتها شركة البي بي
أكبر شركات استخراج النفط بالعالم، حيث بعام 2021 أصدرت تقريرا أن ما تنتجه في
البصرة من سحابة لغاز الميثان تعادل 75% من الملوثات في العالم لإنتاج الشركة، أي
أنها تنتج ملوثات 100% خمسة وسبعون بالمائة منها في البصرة، وذلك لعدم وجود معالجة
وهي تعترف، مشكلا هنا على خلل ارتكبته الحكومة العراقية أن جولات التراخيص الأولى
والثانية كانت خالية من إلزام شركات عقود التراخيص بتنقية المواد التي تستخرج من
احتراق النفط أو المواد المصاحبة لاستخراجه أو ما يسمى بالنورم NORM،
وهي مواد مشعة تستخرج مع النفط وهي مواد عالية الخطورة منها الراديوم والمغنيسيوم
40 اليورانيوم وغيرها كلها ملوثات إشعاعية وعملية طمرها تحتاج إلى عناية فائقة من
قبل تلك الشركات كونها إن بقيت على الأرض أيضا هي نقاط مشعة.
وأشار
التميمي إلى أنه عند حدوث الأزمة في البصرة عام 2018 بسبب ملوحة مياه البصرة
وتلوثها تمت قراءة نقاط ملوثة وملوثة حتى في المياه إشعاعية سواء من فضلات ضحايا
التلوث المصابين بالسرطان وتأتي نسب من اليورانيوم في دمائهم أو المواد المشعة
وكانت تلقى في شط العرب مع الملوثات الأخرى مع النورم الذي أحيانا يصل جزء منه في
مصبات الأنهر في قضاء المدينة، وهنا يجب أن تكون الرقابة محكمة على شركات عقود
التراخيص، ليس فقط بعملية حرق الغاز بل بالمواد المستخرجة أيضا، وهنا ينبغي أن
يعرف المتابع أن ما ينتج من ملوثات لشركات التراخيص في البصرة هي الأكثر نسبة في
كافة أنحاء العالم، الميثان والبنزين مع ثاني أوكسيد وأول أوكسيد الكاربون مع
غازات مصاحبة للكبريت وأكاسيد النيتروجين وغيرها تنتج في البصرة أكثر من أي دولة
في العالم، وذلك انعكس سلبا على ارتفاع نسب التغيير المناخي ووصلت البصرة كأعلى
بقعة في العالم بتأثرها بالتغير المناخي الحديث بعد عام 2020، وهي الأكثر ضررا
سواء على التربة أو الهواء.
وبين
أن كلامه قد يرد عليه بأن تلك القراءات غير دقيقة، لكن ردا على ذلك: أن من أهم
أدوات وزارة البيئة العراقية وهي المحطات البيئية التي تقوم بقياس نسب التلوث
بكافة أنواعه كلها معطلة فلا توجد محطة بيئية واحدة في البصرة بالعمل، معقبا على
ذلك بأن تلك الوزارة الرائدة التي يجب أن تكون مدعومة شهادتها ستكون مجروحة إزاء
انخفاض نسب التلوث رغم وجود أجهزة لقياس الإشعاع أو التلوث ولكن هناك حاجة إلى
محطات وهناك وحيدة تعتمد وعاملة وهي الأكبر في مطار بغداد الدولي.
كما
أفاد التميمي أن الباحثين الذين قاموا بقراءات نسب التلوث في الهواء وجدوا في
مركز مدينة البصرة تحديدا في العشار نهاية عام 2023 وصلت في أحد الأيام إلى أكثر
من 68% أي مساحة المتر المكعب ملوث بغازات كالميثان وغيرها.
وبعد
عام 2020 الحكومة المحلية اتجهت إلى إنشاء الخط الناقل ونجاحه مرهون بتأهيل محطة
معالجة المياه الثقيلة في حمدان وإقامة محطة متطورة لمعالجة المياه الثقيلة التي
تستخدم في دول العالم لاستصلاح آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، كما أن
الحكومة المركزية والمحلية أغفلتا عملية تدوير النفايات منذ عام 2005 وقد جاءت
شركات رصينة بوقتها لكن ترفض لمناكفات سياسية وغيرها من الأسباب، وهنا لو كان هناك
تدوير للنفايات يمكن التخلص منها بطريقة تعالج التلوث البيئي وتقليل المساحات
المستهلكة بالطمر الصحي.
أما
بما يخص التلوث بالمخلفات الحربية نتاج الحروب هناك مليار و 200 مليون متر مربع من
الأراضي ملوث بالألغام والمقذوفات الحربية في البصرة على طول شريط حدودي من الفاو
إلى شمال البصرة مجنون، مشيرا إلى أن هناك إهمالا من قبل الحكومات السابقة حيث كان
يمكن الاستفادة من المخلفات الحربية بتدويرها، لافتا إلى أن هناك شركات أو منظمات
مختصة برفع الألغام تقوم بعملية التواء من خلال مناقلة تلك المخلفات بتنقية أراضي
وتنقلها إلى مساحات أخرى أو إعادتها وذلك من أجل شمولها بعملية مسح الأراضي مرة
أخرى لسرقة مليارات الدولارات.
أما
بما يخص التلوث النفطي يرى مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان أن إنهاء
عملية الاحتراق لم يتحقق منه سوى الوعود مرورا بأكثر من حكومة اتحادية من حكومة
المالكي ولغاية حكومة السوداني، وآخر وعد كان بعهد عبد المهدي أن نهاية عام 2018 سيتم إنهاء حرق الغاز ولم تر البصرة من ذلك شيئا سوى الأمراض السرطانية ليومنا هذا، وقد حذر مكتب المفوضية جراء قراءات
لعلماء بصريين أن الأعوام المقبلة ما بين 2030 إلى 2035 ستشهد زيادة بنسبة
الإصابات السرطانية أكثر من 100%، اليوم الإصابات السرطانية التي تسجلها البصرة
تصل ما بين 600 – 800 إصابة شهريا بحسب قراءات صحة البصرة، وقد سجلت البصرة عام
2021 أكثر من 9500 إصابة، ووصل العدد إلى 10 آلاف بالعام الذي يليه.
وإذا
بقي الحال على هذا المنوال بعدم معالجة الاحتراق وعدم تسييل الغاز فأن الوضع لن
يكون جيدا، وقد تم أخذ عينات من شمال البصرة ما بين الصادق والمدينة والهارثة
والدير والقرنة ونهران عمر على 100 طفل كانت القراءات تشير إلى أن 70% من الأطفال معرضون
للإصابة بالسرطان بنسبة أكثر من 90% حيث وجد بإدرارهم تلوث بغاز البنزين مترسبا
والفحص تم بمختبرات خارج العراق بدعم من قناة البي بي سي البريطانية التي أجرت
تحقيقا حول ذلك.
وأضاف
أن كل من يدعي أن البصرة لا تحتوي على ذلك العدد من الإصابات فليقدم الأدلة، مشيرا
إلى أن ردود البيئة والصحة والعلوم والتكنولوجيا قللت من شأن تلك التحذيرات، فيما
طالب حقوق الإنسان إنهاء احتراق عمليات الغاز ويتم قياس الأثر وهنا "نجزم" أن نسب إصابات السرطان (والفشل
الكلوي ما يقارب 30 ألف إصابة)، والفشل الكبدي والإصابات الجلدية والتنفسية جراء
المياه، كما أن البصرة تتعرض إلى أمطار حامضية تلوث التربة وتسجل حالات اختناق.
فيما
نوه إلى أن البصرة تحتاج إلى غطاء نباتي وحزام أخضر بمشروع كبير وليس ما طرح بمؤتمر
المناخ، لافتا إلى أن نبات المانغروف ليست من الممكن أن تنتقل بها البصرة إلى
النقاء كونها تزرع بالمناطق الساحلية بل البصرة تحتاج إلى النخيل الذي لم يضعه
الله (عبثا) في هذه المحافظة لأنها من أكثر الأشجار التي تقوم بعملية فلترة الهواء
بينما اليوم البصرة لا تقف على مليوني نخلة بعد أن كانت تضم ملايين النخيل.