"حنتش" العراقي مُطْعِم اسماك شط العرب: أجمعُ "نعمة الله" وأطعمُ بها "مخلوقات الله"

تحقيقات
19 حزيران 2024

لأول مرة: أسماك البصرة تأكل "طعاما"  لا "طْعما"
الطيور المهاجرة تتغده يمي "مفطح" ثم تواصل هجرتها
أمي أول من شجعني واسموني "حنتش" تيمنا باسم احد أخوالي
غير متزوج ... وستوتتي مصدر رزقي الوحيد

المربد: طعمة البسام / رياض البزوني

هذا الشاب البصري كرس حياته لإطعام اسماك وطيور البصرة...اسمه أحمد غير أنه يحمل اسم شهرة آخر هو "حنتش" وهذا الأخير أطلقه عليه أخواله من أهالي العمارة تخليدا وتيمنا باسم احد اخوتهم، فأرادوا تخليد اسم أخيهم من خلال ابن أختهم، هذا الذي يقوم بعمل أنساني، ربما لم يفكر احد قبله بالقيام به.

رأى حنتش الخبز والرز ملقى في أماكن القمامة والمزابل خاصة في أوقات الفواتح، والأعراس، والمناسبات، فخطر بباله أن "نعمة الله" تلك يمكن إعادة تدويرها لتكون طعاما لكائنات لم يفكر أحد بإطعامها، فحملها بستوتته ووقف على أطراف شط العرب وألقى بها إلى الأسماك...فتكالبت عليها تلك الكائنات الوديعة، وربما علمت الأسماك هنا ولأول مرة أن ذلك الطعام لم يكن "طعما" لاصطيادها، بل كان طعاما حلالاً، زلالاً، هنيئاً، مريئاً، مُهدى ثوابه كما يقول "حنتش" لموتاه ولشهداء العراق، وقربة إلى الله تعالى. 

أول من شجعه على عمله الإنساني هذا هي والدته ثم إخوته وأصدقاءه، ثم عامة الناس ويقول إن أحدهم تبرع بألف سمكة صغيرة أو ما تسمى بـ(الإصبعيات)، وطلب مني أن القيها في مياه شط العرب وأتكفل بتوفير طعامها، كذلك تبرعت له جامعة البصرة بـ200 إصبعية مماثلة.

أحد أخواله تبرع له بطعام خاص للأسماك، كذلك أحد جيرانه تبرع له بعشرة "كواني" من الطعام المخصص لتلك الكائنات.

تطور عمل أحمد أو حنتش من إلقاء التمن والخبز إلى "المفطح" ويقول مازحا: إن الطيور المهاجرة إلى البصرة في وقت الشتاء تتوقف عند الجسر الإيطالي لتأكل "المفطح" وتأكل ما شاء لها أن تأكل من طعام، ثم تواصل رحلة طيرانها بأمان.

القوات الأمنية في الكورنيش لم تعترض سبيل هذا الشاب، بل تعاونت معه وسهلت امره وشجعته، ويقول إن القوات الأمنية تعرفه جيدا...

حنتش يشكر الله ويحمده ويؤكد أنه قانع بل وسعيد برزقه وعمله.

لأحمد الذي عمل سنوات في إطعام الأسماك والطيور سرا له أصدقاء أرادوا أن يوثقوا عمله هذا ومنهم "زيوني" الذي رافق حنتش منذ أكثر من ست سنوات مصورا عمله وناشره في مواقع التواصل الاجتماعي ، لا لشيء إلا لكي يكون حنتش قدوة لغيره حتى يرحموا من في الأرض ليرحمهم من في  السماء.

المربد غادرت المكان في كورنيش شط العرب وظل حنتش يحمل الطعام من الستوتة ليلقي به للأسماك التي تجمعت كما لو أنها فرحة وجذلة برزقها هذا، فيما كان "زيوني" يوثق عمل صديقه من خلال تصويره بهاتفه النقال.



المزيد من تحقيقات

Developed by AVESTA GROUP